أظهر القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» لمكافحة التمييز والكراهية مدى التسامح والتعايش الذي تعيشه دولة الإمارات وتنادي به في كافة المحافل الدولية. ويضمن ذلك القانون التصدي لأي دعوة للكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضًا على التمييز أوالعنف، والتي يجب أن تُمنع بقوة القانون، وتفرض عقوبات مشددة لكل من يدعو للتمييز أو الحض على الكراهية والإساءة للأديان، وأن يوضع حدٌّ لأصحاب الخطاب الفوضوي الذي يتعمد إثارة النعرات والتحريض والتمييز. كما أن هذا القانون يستهدف حماية الدولة ضد كل من تراوده نفسه لبث سمومه في المجتمع بشعارات وادعاءات كاذبة، وينبغي أن تحذو باقي الدول العربية حذو الإمارات حتى تضع حدّاً لكل من يحاول شق الصفوف وزرع الفتن بين أفراد مجتمعاتنا. وبالرغم من أن الإمارات لا تعاني من موضوع التمييز والكراهية فإن القانون جاء في وقته المناسب، وأصبح ضرورة ملحة في المجتمعات المتقدمة، بسبب التقدم التقني الذي يسهّل انتشار الشعور المعادي للغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتطلب إجراءات الحماية الفعالة لدرء هذا الخطر. وتعد الإمارات من الدول السبّاقة في تطبيق القانون حيث تعد البلد رقم 29 عالمياً في تطبيق قوانين تجرم خطاب الكراهية والتمييز، ويبلغ عدد الدول المعلن عن تطبيقها لقانون مكافحة التمييز والكراهية 28 دولة، منها دولتان عربيتان هما الأردن والكويت إلى جانب 26 دولة حول العالم، منها 14 دولة في القارة الأوروبية، و5 بلدان في أميركا الشمالية والجنوبية، بالإضافة إلى 3 بلدان آسيوية، وبلد أفريقي، ونيوزيلاندا وأستراليا. وقد عرّف الخبراء القانون بأنه «مهاجمة شخص أو مجموعة من فئات المجتمع، من خلال التعدي على جنسه أو أصله العرقي أو الدين الذي يتبعه، باستخدام بعض الألفاظ أو الكلام المهين، الذي قد يحرض على العنف أو الاشتباكات بين مجموعتين أو فردين أو أكثر». تتميز الإمارات بالعمل على الدور الوقائي لحماية المجتمع في جميع تجاربها السابقة قبل أن تقوم بالعلاج، كما بات العالم أجمع في حاجة ماسة لهذا القانون وتطبيقه حتى يضمن التعايش السلمي الذي يمنع العنصرية وأشكالها المختلفة ومظاهرها المتنوعة ومشاكلها المتعددة وآثارها الوخيمة. وقد نشأت أشكال جديدة من التمييز على ضوء عدد من التطورات العلمية وعملية العولمة. ونتيجةً لهذه التهديدات الجديدة اندلعت نزاعات عنيفة بين أطياف في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الماضية. وهذا القانون الخاص بمكافحة التمييز والكراهية يمنح دولة الإمارات قوة رادعة ضد من لديهم غاية ومأرب في التلاعب أو محاولة نشر الأفكار الهدامة، ومن لديهم حقد في النفوس ضد الأعراق أو المذاهب المختلفة عن اعتقاداتهم، ويستطيع الفرد الدفاع عن نفسه- وفق هذا القانون- من خلال اللجوء إلى الجهات المسؤولة. وكما يعلم الجميع فإن الإمارات نشرت المحبة والتسامح بين جميع الأديان والبلدان المختلفة، كما أنها تحتضن على أرضها أكثر من 220 جنسية لها عاداتها وتقاليدها وتعاليمها الدينية. و يقضي القانون بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أوالعقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل، ومكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات بعقوبات تصل إلى الإعدام، إذا اقترن الرمي بالكفر بالتحريض على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك. ومن وجهة نظري أنه ينبغي على الدول أن تدرك أهمية التربية الرسمية وغير الرسمية في محاربة التحامل وتغيير المواقف السلبية وإشاعة التفاهم وتعزيز التلاحم الاجتماعي، وتشجيع النشاطات والإجراءات التربوية لتحقيق هذا الهدف. وينبغي تعزيز قدرة المسؤولين في أجهزة إنفاذ القانون والقضاء لمكافحة الجرائم التي تُرتكب بدوافع العنصرية والكراهية، وتنظيم دورات شاملة وإلزامية لتدريب المسؤولين، بمن فيهم العاملون في أجهزة إنفاذ القانون، في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التدريب المتخصص بمكافحة جرائم العنصرية والكراهية، مع إعداد توجيهات وآليات واضحة لتمكينهم من رصد مثل هذه الجرائم والتحقيق فيها. صحفي إماراتي